عم سيد مااااااااااااااات
مين عم سيد اصلا يا بنتى ؟؟؟
عم سيد هو هذا الرجل الاسمرانى اللون شديد النحول الذى لم اعهده يوما الا و تلك الابتسامة لا تفارق شفتيه ، كنت اندهش اندهاشة مندهشة - و شوف انت بقى لما الاندهاشة ذات نفسها تكون مندهشة - من سر تلك الابتسامة
و خاصة ان عم سيد بائع للجرائد بسيط فكنت عندما انظر لحاله و تلك الملابس الرثة التى لا يبدلها صيفا و لا شتاءاً و كيف يقتات رزقه و قوته من بيع الجرائد و ليس لديه مصدر رزق اخر اتساءل كيف يقوى على الابتسام و انا استشيط غضبا لابسط الاشياء ده غير انى اشعر بأنى سأصاب بأزمة قلبية او لوثة عقلية بمجرد قراءة تلك الجرائد التى يبيعها فكيف يفعلها بالله عليه ؟؟؟
و برغم الفضول الذى كان يجتاحنى الا انى لم اسأله يوما هذا السؤال و هذا لانى لم اكن لاجازف بأن اسمعه يجيب الاجابة النموذجية المعتادة بعد ان يتنهد تنهيدة حارة تكفى لاذابة الجليد ( يعنى هعمل ايه يا استاذة ما انا لو مضحكتش هطق من جِنابى .. ) لا دعونى اتخيل ان هناك اشخاص سعيدة و تبتسم لمجرد ان الحياة بقى لونها فوشية و هكذا كان عم سيد بالنسبة لى اخر الرجال المبتسمين !!
على مدار 6 سنوات منذ ان دخلت الكلية و انا امر كل يوم على عم سيد - مش ملاحظين ان دائما ما يكون اسمه عم سيد - و يدور بيننا الحوار التالى :
صباح الخير يا عم سيد
صباح الورد .. منورة الدنيا يا استاذة ايه الاخبار ( و هو مبتسم )
و الله الاخبار و الاهرام عندك انت
ها زى كل يوم يا استاذة ( و هو مبتسم ... الراجل ده بيغظنى و لا ايه !! )
زى كل يوم يا عم سيد
و يعطينى طلبى المعتاد الدستور ( ايام ما كان فيه دستور ) و المصرى اليوم ( و هو مبتسم .. لا ده استنصاد بقى )
و اعطيه انا الجنيهين و هموت و اقوله بتضحك على ايه يا راجل انت ؟؟
على مدار 6 سنوات كانت مساحته فى حياتى لا تتعدى 5 دقائق كل يوم اى 76650 دقيقة على مدار تلك السنوات الست و اليوم فقط مررت و لم اجده فى مكانه المعتاد و عندما سألت قال لى رجل يبيع الخضار ( الدوام لله ) ... تنحت للراجل ايوة تنحت و سألته سؤال معوق ( يعنى ايه ؟؟ ) ، ( يعنى تعيشى انتى قابل وجه كريم ) و لسان حاله دى عبيطة دى ولا ايه !!
عم سيد لا اعلم اذا كنت تعلم و لكنك على مدار 6 سنوات كنت اكثر من مجرد بائع للجرائد ، كنت مصدر الهام لى فى احيان كثيرة و لكنك رحلت قبل ان اعلم كيف كنت تفعلها ، كيف كنت تقوى على الابتسامة فى زمن اغتصب اجمل ما فينا .. زمن ضاعت فيه المفاهيم
اااااااااه عم سيد بتاع الجرايد ... هكذا قالت صديقتى
طيب و انتى مالك مذبهلة ليه ؟؟
نظرت لها و لم ارد لان حتى لو رديت ... هتفهم
عم سيد
سأمر على مكانك فى طريقى كل يوم و لن اجدك او ربما سأجد شخصا اخر محلك
و لكنى سأتذكرك ... و ابتسم
ياسمين ياسر
يوم الثلاثاء
2 / 11 / 2010
هناك تعليق واحد:
قصة رائع فعلا ما اجمل البساطة والتمسك بالابتسامه حتى ولو كنا مجروحين
وما اجمل ان يكون لنا مثلا اعلى ولو كان عم سيد البسيط الرث الملابس
دمتى جميله
إرسال تعليق