الطغاة الذين يقمعون الثورات مثلهم كمثل من يقتلع شجرة واحدة بيده اليمنى
لينثر بذور مئات الاشجار الاخرى بيده اليسرى


2010/11/02

من هنا و رايح هبتسم يا عم سيد



عم سيد مااااااااااااااات
مين عم سيد اصلا يا بنتى ؟؟؟

عم سيد هو هذا الرجل الاسمرانى اللون شديد النحول الذى لم اعهده يوما الا و تلك الابتسامة لا تفارق شفتيه ، كنت اندهش اندهاشة مندهشة - و شوف انت بقى لما الاندهاشة ذات نفسها تكون مندهشة - من سر تلك الابتسامة
و خاصة ان عم سيد بائع للجرائد بسيط فكنت عندما انظر لحاله و تلك الملابس الرثة التى لا يبدلها صيفا و لا شتاءاً و كيف يقتات رزقه و قوته من بيع الجرائد و ليس لديه مصدر رزق اخر اتساءل كيف يقوى على الابتسام و انا استشيط غضبا لابسط الاشياء ده غير انى اشعر بأنى سأصاب بأزمة قلبية او لوثة عقلية بمجرد قراءة تلك الجرائد التى يبيعها فكيف يفعلها بالله عليه ؟؟؟ 
و برغم الفضول الذى كان يجتاحنى الا انى لم اسأله يوما هذا السؤال و هذا لانى لم اكن لاجازف بأن اسمعه يجيب الاجابة النموذجية المعتادة بعد ان يتنهد تنهيدة حارة تكفى لاذابة الجليد ( يعنى هعمل ايه يا استاذة ما انا لو مضحكتش هطق من جِنابى .. ) لا دعونى اتخيل ان هناك اشخاص سعيدة و تبتسم لمجرد ان الحياة بقى لونها فوشية و هكذا كان عم سيد بالنسبة لى اخر الرجال المبتسمين !!
على مدار 6 سنوات منذ ان دخلت الكلية و انا امر كل يوم على عم سيد - مش ملاحظين ان دائما ما يكون اسمه عم سيد - و يدور بيننا الحوار التالى :

صباح الخير يا عم سيد 
صباح الورد .. منورة الدنيا يا استاذة ايه الاخبار ( و هو مبتسم )
و الله الاخبار و الاهرام عندك انت
ها زى كل يوم يا استاذة ( و هو مبتسم ... الراجل ده بيغظنى و لا ايه !! )
زى كل يوم يا عم سيد
و يعطينى طلبى المعتاد الدستور ( ايام ما كان فيه دستور ) و المصرى اليوم ( و هو مبتسم .. لا ده استنصاد بقى )
و اعطيه انا الجنيهين و هموت و اقوله بتضحك على ايه يا راجل انت ؟؟

على مدار 6 سنوات كانت مساحته فى حياتى لا تتعدى 5 دقائق كل يوم اى 76650 دقيقة على مدار تلك السنوات الست و اليوم فقط مررت و لم اجده فى مكانه المعتاد و عندما سألت قال لى رجل يبيع الخضار ( الدوام لله )  ... تنحت للراجل ايوة تنحت و سألته سؤال معوق ( يعنى ايه ؟؟ ) ، ( يعنى تعيشى انتى قابل وجه كريم ) و لسان حاله دى عبيطة دى ولا ايه !!

عم سيد لا اعلم اذا كنت تعلم و لكنك على مدار 6 سنوات كنت اكثر من مجرد بائع للجرائد ، كنت مصدر الهام لى فى احيان كثيرة و لكنك رحلت قبل ان اعلم كيف كنت تفعلها ، كيف كنت تقوى على الابتسامة فى زمن اغتصب اجمل ما فينا .. زمن ضاعت فيه المفاهيم  

اااااااااه عم سيد بتاع الجرايد ... هكذا قالت صديقتى
طيب و انتى مالك مذبهلة ليه ؟؟
نظرت لها و لم ارد لان حتى لو رديت ... هتفهم


عم سيد
سأمر على مكانك فى طريقى كل يوم و لن اجدك او ربما سأجد شخصا اخر محلك
و لكنى سأتذكرك ... و ابتسم 

ياسمين ياسر
يوم الثلاثاء
2 / 11 / 2010

هناك تعليق واحد:

بسمة الورد عطر المشاعر يقول...

قصة رائع فعلا ما اجمل البساطة والتمسك بالابتسامه حتى ولو كنا مجروحين

وما اجمل ان يكون لنا مثلا اعلى ولو كان عم سيد البسيط الرث الملابس

دمتى جميله